كان الغزالي العالم الإسلامي المشهور من أهالي طوس، وكان الغزالي من جملة من جاء إلى نيسابور لطلب العلم، وقد حاز فعلا على جانب عظيم منهما على يد أساتذة بارعين، كانت طريقة الإمام الغزالي في الدرس أن يدوّن ما يلقيه عليه الأستاذ على ورقة حتى لا ينساه، فتكونت لديه من هذا الطريق مجموعة من المخطوطات كتبها خلال فترة الدراسة.
ولما عزم على الرجوع إلى وطنه، جمع جميع المخطوطات ووضعها في محفظة وسار مع القافلة يريد وطنه، فشاء القدر أن يخرج على القافلة قطاع طرق ليسلبوا كل ما في القافلة من مال، فلما وصل دور الإمام الغزالي شاهدوا محفظة المخطوطات فأرادوا أخذها منه، فتوسل إليهم الغزالي أن يدعوها له، فظنوا أن في داخلها متاعا ذا قيمة، فلما فتحوها وجدوا فيها كتبا وأوراقا، فسألوه ما هذه؟ وما انتفاعك بها، فأجابهم : إنها تنفعني ولا تنفعكم.
- وما الذي تستفيده من أوراق كهذه؟
- إنها ثمرة عدة سنين من الدراسة، وإذا أخذتموها مني فستضيع معلوماتي كلها وستذهب أتعابي هباء.
- أحقا إن كل ما تعلمته هو في هذه الأوراق؟
- نعم.
- فقالوا له : إن العلم الذي يكون قابلا للسرقة ليس بعلم.
أحدثت هذه الحادثة تغييراً كبيراً في شخصية الإمام الغزالي وفي قابلياته الذكائية والفكرية، فقرر أن يدرب ذهنه على التفكير والحفظ والتحليل، فبدأ يدون العلوم والأفكار والمفاهيم في سجل ذهنه بدلاً من رسمها على الورق.
كان الإمام الغزالي دائماً يقول : إن من أحسن النصائح التي نورت حياتي الفكرية، تلك النصيحة التي سمعتها من قطاع الطرق، و صدق من قال : العلم في الصدور وليس في السطور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
Commenter ici: